![]() |
*عبد اللطيف حجي |
قال الإمام في عزة وشموخ، صححته حضرتي وهذا نصه: "إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عن المغتصبين وكل المجرمين من بلاد الروم لنتق شرهم ونحفظ استقرارنا واستثناءنا".
ولكي
يزيد في الإمعان، ويبين لنا أنه جمع علوم الدنيا والدين، أورد نصا من الانجيل،
ليقول لنا بأن الحكمة ضالة المؤمن: "أحبوا مغتصبكم، باركوا السياح إذا ما
للسياحة الجنسية مالوا إلى بلادكم، أحسنوا إلى المجرمين منهم وأطلقوا سراحهم"،
صحت من مكاني الخلفي: "متى وا" أعني بالأمازيغية "ما هذا يا"،
فقال الإمام:" نعم إنه من إنجيل متى، ومثلها في الإصحاح كثير"
أخيرا
لم أتمالك نفسي وصحت في الإمام الجالس على الكرسي:" إذا اغتصبك الاسباني في
تر...اليمنى فأدر له اليسرى أيها الإمام"
ليس
ما سبق من باب السخرية المرة والمبكية وحسب، ولكنه من وحي الواقع بالأمس أمام مشهد
الهراوات التي تنهال على أبناء الشعب وبناته ممن قالوا لا لإهانة كرامة المغربي
وبيع أطفاله في المزاد العلني، إنه من وحي هذا الصمت المريب الذي أصاب مثقفينا
ونخبتنا المستنيرة في هذا الوطن الذي قالوا لنا يوما بأنه وقع على كل المواثيق
الدولية التي تخص حماية الحقوق النفسية والاجتماعية والاقتصادية لمواطنيه، وشدد
على المواثيق الخاصة بحماية حقوق الطفل، هذا الأمل في بناء مغرب الغد، مغرب الحرية
والكرامة والعدالة والاجتماعية.
إنه
من وحي التواصل مع الكثير من المواطنين الذين لم ينضموا يوما إلى حركة 20 فبراير
ولا خرجوا في إحدى مسيراتها، لكنهم عبروا مؤخرا على أن هذا الوطن لم يعد يتسع لأحد
منا، أصيبوا بالذهول وأعلنوا الكفر بكل ما تسوقه الدولة من أوهام، أصبحوا عاجزين
عن تلمس الطريق إلى أمل في الغد المشرق.
غير
أن المثير للاستغراب في خضم هذا الغضب المشروع والأكيد، هو كتابات بعض الأقلام
الصحفية التي لها –بكل تأكيد- حقها ورأيها في التعبير كيفما تشاء وبالطريقة التي
تشاء، المثير في كتاباتها هو الحديث عن التوظيف السياسوي لهذا الحدث من بعض الجهات
التي ترغب الإساءة للبلد.. بالله عليكم لماذا لم يتم الحديث عن توظيف سياسوي وفنوي
وإعلاموي لقضية وئام، أم أن السرب المغرد لحظتها كان سرب الإجماع ؟
من
يخول لنفسه الحق وصف مواطنين لهم الغيرة على هذا الوطن، يحملون نفس الحب العنيف
تجاه الوطن الذي يحمله كل مواطن غيور على وطنه، خرج للتظاهر السلمي ضد قرار أصدرته
مؤسسة ليست فوق الوطن وفوق المواطنين، كيف تسول لأحد نفسه بالقول إن هؤلاء يتحركون
من الخارج ضد الوطن، كيف تسول له نفسه اتهام هذه الجموع بأنها تضع رجلا في الداخل
ورجلا في الخارج.
اليوم
على المؤسسة الملكية بدل هذا القمع الذي انتهجته الأجهزة المخزنية أن تبادر إلى
الاعتذار إلى الشعب المغربي كما تفعل نظيرتها في البلد الذي أجج هذه الضجة وهذا
الحدث، وعندما نقول هذا فنحن واعون بأن العفو الملكي هو قرار المؤسسة الملكية
بعيدا عن لجنة تلك اللوائح التي نشرت مؤخرا لمن يتخذون قرار العفو قبل عرضها على
أنظار الملك للتوقيع والموافقة، فعندما تم إطلاق سراح معتقلي السلفية وبعض
الفعاليات الحقوقية، رفعت بعض خطابات الشكر إلى الملك، والعبارة التي نسمعها
منذ كنا صغارا في التلفزة المغربية –أدام
الله إجماعها وابتعادها عن الاصطفاف إلى جانب الحقيقة ولا شيء غيرها- كان هو
:"بمناسبة كذا أصدر صاحب الجلالة امره السامي بالعفو عن كذا كذا من المسجونين
والموجودين في حالة سراح إلخ"، إذن نحن لا نعرف سياسة الدروس التي تأتي في
آخر الحصة لتؤكد ما لم يقل طيلة الحصص السابقة، والذي ترسخ لدينا ويترسخ لدى كل
أبناء هذا الوطن هو أن العفو الملكي هو قرار سامي لصاحب الجلالة، فإذا كان عفوا
إيجابيا أثنى عليه الجميع ولم يتحدث أحد عن حيثياته، لكننا اليوم أمام عفو لابد أن
يثير أكثر مما أثير، وهؤلاء الذين يعيشون في هذا الوطن مواطنون وليسوا رعايا
فوداعا أيتها الأقلام التي اعتادت خطاب الوصاية وعبارات "سالات الهدرة".
ختاما،
لن أتحدث عنك نجاة أنوار لأن المصريين قالوا مثلا صار عنوانا للكثير من فاعلي المجتمع المدني بالمغرب
"صح اللي اختشوا ماتوا".
*كاتب وفاعل جمعوي
0 commentaires:
إرسال تعليق